يتخللهما ثالث.
وهذه الاربعة أمور وجودية ، ومنها ما هو متماثل ، وما هو متضاد. وتدرك بالبصر بواسطة اللون والضوء.
أقول : لما فرغ من أحكام مختصة بالجواهر ، شرع في أحكام مختصة بالاعراض ، وابتدأ منها (١) بالكون ، لكونه لازما لجميع الاجسام ، ولا يتصور جسما خاليا عنه ، وفيه مسائل:
الاولى : اعلم أن الكون يسميه الحكيم «أينا» وعرفه المصنف بأنه حصول الجسم في الحيز.
وفيه نظر : فانه يخرج عنه حصول الخط والسطح في الحيز. فكان المناسب أن يقال : هو الحصول في الحيز ، والكون مغاير للجسم ، لانه يتبدل ويتغير ، والجسم باق فلا يتغير وما يتبدل (٢) غير ما لا يتبدل ولا يتغير. فالكون مغاير للجسم.
وهل هذا الحصول معلل بمعنى أم لا؟ ذهب أبو هاشم الى أن حصول الجسم في المكان معلل [بمعنى]. وذهب المحققون كأبي الحسين وأتباعه الى نفيه ، وهو الحق وتحقيق ذلك في المطولات.
الثانية : [في] المكان والحيز : وهما لفظان مترادفان في التحقيق لمعنى واحد ، وبعضهم فرق بينهما بأن الحيز هو ما أحاط بالجسم من سائر أقطاره. والمكان ما عليه اعتماده واستقلاله ، كالترس الموضوع على رأس السنان ، فان الفراغ المحيط به حيزه ، ورأس السنان الذي عليه اعتماده مكانه ، والتحقيق هو الاول والنزاع لفظي.
واختلف الحكماء والمتكلمون في وجود المكان أولا ، ثم في ماهيته ثانيا.
__________________
(١) فى «ن» : فابتدأ فيها.
(٢) فى «ن» : ولا يتبدل.