وفى بعض الحكايات أن أميرا عرضت عليه جارية بمائة ألف درهم ، فأحضر الثمن ، فلما نظر الأمير إليها استكثر الثمن وقال : إن شراء مملوكة بهذا الثمن لغال ، فقالت الجارية : اشترنى يا أمير المؤمنين ، فإن فىّ مائة خصلة ، كل واحدة منها تساوى أكثر من مائة ألف درهم ، فقال : وما ذاك؟ فقالت : أدناها أنك إن اشتريتنى وقدمتنى على جميع عبيدك لم أغلظ فى نفسى وعلمت أنى مملوكة فاشتراها.
وحكى أنه رفع إلى عمر بن عبد العزيز ، رحمة الله عليه ، أن ابنك اتخذ خاتما اشترى له فصا بألف درهم ، فكتب إليه : أما بعد ، فلقد بلغنى أنك اشتريت فصا بألف درهم ، فبعه وأشبع به ألف جائع ، واتخذ خاتما من حديد صينى ، واكتب عليه : رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
وقد قيل : الفقير فى خلقه (١) أحسن منه فى جديد غيره ، ولا شيء أحسن على الخدم من التواضع بحضرة السادة ، وفى معناه أنشدوا :
ويظهر فى الهوى عز الموالى |
|
فيلزمنى له ذل العبيد |
__________________
ـ سلم ومبايعة.
والسلم كالسلف لفظا ومعنى ، تدفع مقدارا من المال مقدما لتأخذ البضاعة بعد مدة بشروط معروضة فى كتب الفقه.
ومن استعبدته شهوة المطعم والمنكح فهو حقير ، وإن كان ذلك دائما ، وإنما المتكبر من يستحقر كل شهوة وحظ يتصور أن يساهمه فيها البهائم.
(١) ثيابه القديمة.