(وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) (١) وقال تعالى : (إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) (٢) يعنى كذب الأولين.
وزعم الجبائى [المعتزلى] أن الله تعالى يسمى خالقا على المجاز ، وغيره يسمى خالقا على الحقيقة ، وهذا خطأ بيّن من قوله ، والصحيح أن الخلق هو الاختراع وما عداه مجاز ، ولا خالق إلا الله عزوجل ، والّذي يدل على صحة هذا وفساد ما عداه من الأقاويل أنه لو كان الخلق بمعنى التقدير لكان كل مقدر خالقا ، ولما كان الخياط يقدر ، والبنا يقدر ، وغيرهم قد يحصل منه التقدير ثم لا يسمى واحد منهم خالقا علم أنه ليس معنى الخلق معنى التقدير.
ولا يجوز أن يكون الخلق بمعنى التصوير لأن المصور على الحقيقة هو الله ، لأن القول بالتولد باطل ، فما يجعل فى العين من الصور ليس بكسب للمخلوق ولا بفعل له ، وإنما يسمى الكذب خلقا على المجاز تشبيها بالإبداع ، لأن الكاذب يخبر عما لا أصل له ، كما أن المخترع يوجد ما لم يكن عينا فيجعله عينا ، ومن قال : إن الله تعالى يسمى خالقا على المجاز وغيره يسمى خالقا على الحقيقة فكفاه خزيا بهذا القول ، وإجماع المسلمين يكفى فى الدليل على فساد قولهم ، وقوله تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) (٣) أى تصور ، فإنما أطلق هذا اللفظ على التوسع ، وكذلك قوله تعالى : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)(٤).
__________________
(١) العنكبوت : ١٧.
(٢) الشعراء : ١٣٧.
(٣) المائدة : ١١٠.
(٤) المؤمنون : ١٤.