ويقال : جاء القوم جما غفير ، وجما الغفير ، أى جماعتهم ، ومغفرة الله تعالى للعبد ذنوبه ستره وعفوه ، فالله تعالى يغفر ذنوب عباده بفضله ورحمته لا باستحقاقهم ذلك باكتسابهم ، التى هى طاعتهم أو توبتهم عن زلاتهم.
وغلط مخالفو أهل الحق [المعتزلة] فى مسألة المغفرة من وجهين :
أحدهما : أنهم قالوا : غفران الكافر والفاسق من غير إيمان وجد منهم غير جائز فى الحكمة.
والثانى : قولهم إن غفران التائب من الذنب فى الحكمة واجب.
وقال أهل الحق : غفران الزلة من الله تعالى جائز لمن شاء كما شاء ، قال الله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) والله تعالى يغفر الذنوب ويستر العيوب ويكشف الكروب ويكفى الخطوب ، كل ذلك فضلا من الله وإنعاما ولطفا وإكراما.
وفى بعض الأخبار ، عبدى ، لو أتيتنى بقراب الأرض ذنوبا لأتيتك بقراب الأرض مغفرة ، ما لم تشرك بى.
وفى خبر مسند أن رجلا يؤمر به إلى النار فإذا بلغ ثلث الطريق التفت ، وإذا بلغ نصف الطريق التفت ، وإذا بلغ ثلثي الطريق التفت ، فيقول الله تعالى :
__________________
ـ والمتجسس والمنتقم والمكافئ على الإساءة بمعزل من هذا الوصف وإنما المتصف به من لا يفشى من خلق الله تعالى إلا أحسن ما فيه ، ولا ينفك مخلوق عن كمال ونقص ، وعن قبح وحسن ، فمن تغافل عن المقابح وذكر المحاسن فهو ذو نصيب من هذا الاسم ، كما روى عن عيسى عليهالسلام أنه مر مع الحواريين على كلب ميت قد غلب نتنه فقالوا : ما أنتن هذه الجيفة ، فقال عيسى عليهالسلام : ما أحسن بياض أسنانه ، تنبيها على أن الّذي ينبغى أن يذكر من كل شيء ما هو أحسن.
(١) النساء : ٤٨.