وليس المرفوع قدرا ، والمعلى شأنا وأمرا ، والمستحق مجدا وفخرا ، من وضع الطين على الطين ، وتكبر على المساكين ، وافتخر على أشكاله بكثرة ماله واستقامة أحواله ، وإنما المشرف شأنا ، والمعلى رتبة ، ومكانا من رفعه الله بتوفيقه وأيده بتصديقه وهداه إلى طريقه ، صفا مع الله قلبه وخلا له وجهه ولبه ، وصعد إلى السماء أنينه ، وصدق إلى الله شوقه وحنينه.
وروى فى الخبر : «كم من أشعث أغبر ذى طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبر قسمه».
واعلم أن المخفوض حقا من تنكبه التوفيق والنصرة ، وأدركه الخذلان والفترة ، وأسرته نفسه ، فهو بشهواتها مربوط ، وفى وقته تقصير وتخليط وتفريط ، إن رجع إلى قلبه لم يجد خبرا من ربه وإن رجع إلى ربه لم يجد خطرا لقدره ، فهو بالهجران موسوم ، وبين الفترات والأشغال مقسوم ، يبيت فى فترة ، ويصبح على حسرة.
وفى بعض الحكايات : من أراد ملك الدارين فليدخل فى مذهبنا يومين ، وفى معناه أنشدوا :
لله درهم من فتية بكروا |
|
مثل القضاة وكانوا كالمفاليس |
وقيل : إن امرأة كانت تكنس المساجد وكانت تسمى مسكينة ، فماتت فرئيت فى المنام فقيل لها : ما حالك يا مسكينة ، فقالت : هيهات ، ذهبت المسكنة وجاء الغنى الأكبر.