الذات ، فردى الحقيقة ، غير منقسم فى ذاته ، ولا متألف بشيء من أمثاله ، وسمعه وبصره لا يتعلقان بمعدوم لاستحالة أن يكون المعدوم مدركا ، وأنه لا يحجب شيء عن بصره وسمعه ، يسمع السر والنجوى ، ويبصر ما هو تحت أطباق الثرى.
وكل من عرف من عباده أنه هو السميع البصير فمن آدابه دوام المراقبة ومطالبة النفس بدقيق المحاسبة.
وقيل : إن رجلا من الملوك كان له عبد وكان يقبل عليه أكثر مما يقبل على أمثاله ، ولم يكن أحسن منهم صورة ولا أكثر قيمة فتعجبوا منه ، وكان قد ركب الأمير يوما فى صحراء ومعه ندماؤه وغلمانه ، فنظر إلى جبل من بعيد وعليه قطعه ثلج ، فنظر الملك نظرة واحدة وأطرق ، فركض هذا الغلام دابته من غير أن ينظر الأمير إليه أو أشار بشيء عليه ، ولم يعلم الناس لم يركض ، فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء الغلام ومعه شيء من ذلك الثلج ، فسئل بم عرفت أنه أراد الثلج؟ فقال : لأنه نظر إليه ، ونظر الملوك إلى شيء لا يكون إلا على أصل ، فقال الأمير : إنما أقبل على هذا أكثر من إقبالى على غيره بهذا الّذي رأيتم ، لأن الكل مشتغلون بأنفسهم وهذا مشتغل بمراعاة أحوالى.
وإن من علامات من يعلم أنه السميع البصير أن يكون مستحييا من اطلاعه عليه وسمعه لما يقول.
روى عن الصديق رضوان الله عليه أنه قال : إنى لأغتسل فى الليلة الظلماء فأحنى صلبى حياء من ربى.
ويقال : إن عصيت مولاك فاعص فى موضع لا يراك.