فأما قول المخالفين من الكرامية (١) أن معنى العظيم فى وصفه أنه يلاقى من وجه واحد من المخلوقات أكثر من آخر فهو خطأ ، لأنه غير معقول من قول أهل اللغة ، ولا هو صحيح فى العقول.
وأما من سلك فى وصف عظمته بذكر بعض مقدراته مما نطق به القصص والروايات فإن ذلك شرح النعت الأدنى من عظمته ، وإن كانوا قد قالوا ذلك.
يحكى أن بعض المشايخ سئل عن عظمته فقال : ما تقول فيمن له عبد واحد يسمى جبريل ، له ستمائة جناح ، لو نشر منها جناحين لستر الخافقين.
وهذا وإن كان صحيحا فإن من عرف أن مقدوراته لا نهاية لها علم أنه لو أراد أن يخلق فى لحظة ألف ألف عالم لم يكن ذلك عليه بأشد من خلق بقة ، ولا خلق البقة عليه أهون من خلق ألف عالم ، لأنه سبحانه وتعالى منزه عن لحوق المشقة ونيل الراحة ، لأن الراحة والمشقة من نعوت المخلوقات ، ويتعالى عن ذلك خالق الأرضين والسماوات ، وقد جاء فى بعض الأخبار أن ملكا من الملائكة قال : يا رب ، إنى أريد أن أرى العرش ، فخلق الله له ألف جناح وطار ثلاثين ألف سنة ، فقال الله سبحانه : هل بلغت إلى أعلى العرش؟
فقال : يا رب ، لم أقطع بعد قائمة من قوائم العرش ، فاستأذن أن يعود إلى مكانه فأذن له.
وقيل : إن سليمان عليهالسلام سأل من الله تعالى أن يأذن له أن يضيف يوما جميع الحيوانات فأذن له الله فيه ، فأخذ سليمان فى جمع الطعام مدة طويلة ، فأرسل الله سبحانه حوتا من البحر فأكل جميع ما أعده سليمان حتى أتى على
__________________
(١) فرق من فرق المتكلمين ، وانظرها وانظر مبادئها فى كتاب : «المرشد الأمين إلى اعتقادات فرق المسلمين والمشركين» تأليف طه عبد الرءوف سعد.