والله تعالى هو المحسن إلى خلقه من غير استحقاق ، والأخذ بأيديهم عند الضرورة من غير استيجاب ، بل ابتداء فضل وإكمال لطف.
وقال الجنيد : الكريم الّذي لا يحوجك إلى وسيلة ، وقال الحارث المحاسبى : الكريم الذي لا يبالى بما أعطى ولا لمن أعطى ، وقال جعفر بن نصير : الكريم الّذي لن يقبل عطاءه منه على نفسه ، وقيل : الكريم الذي لا يستقصى ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) (١).
سمعت الشيخ أبا على الدقاق يقول : الكريم الّذي إذا عفا عن عبد عفا عمن عمل مثل تلك المعصية وعمن كان سميا له.
وفى بعض الكتب : ما أنصفنى عبد أستحي أن أعذبه ولا يستحى أن يعصينى.
وقيل : الكريم الّذي لا يرضى بأن ترفع حاجته إلا إليه.
وروى أن موسى عليهالسلام قال فى مناجاته : إنه لتعرض لى الحاجة أحيانا فأستحى أن أسألك ، أفأسأل غيرك؟ فأوحى الله إليه أن لا تسأل غيرى وسلنى حتى ملح عجينك وعلف شاتك.
ويقال : الكريم لا يخيب رجاء المؤمنين ، وقيل : الكريم الّذي لا يضيع من توسل به ، ولا يترك من التجأ إليه ، ويحفظ حقوق خدمة الذين ماتوا ، وقيل : الكريم : الّذي إذا أبصر خللا جبره ولم يظهره ، وإذا أولى فضلا أجز له ثم ستره.
ويحكى : أن بعض الأكابر أشرف من قصر له على دار عجوز من جيرته
__________________
(١) التحريم : ٦.