عطائه لا تستوفى بالحصر ولا تستقصى بالذكر ، قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) (١).
وحكى أن رجلا من الأكابر كان قد حج حجات كثيرة فطاب قلبه ليلة فقال فى مناجاته : اللهم إنى قد وهبت كذا وكذا حجة من حجاتى للنبى صلىاللهعليهوسلم ، ولأصحابه كذا وكذا حجة ، ولوالدىّ كذا وكذا حجة ، ووهبت الباقى للمسلمين ، فهتف به هاتف : سيعلم أهل الجمع غدا من أولى منا بالجود والكرم.
وأن أهل العلم بالأصول قالوا : نعم الله سبحانه على ضربين : نعمة نفع ونعمة دفع ، فنعمة النفع ما أولاهم ، ونعمة الدفع ما زوى عنهم وكفاهم ، ثم قالوا : إن المشركين فى النار وإن لم تكن لله تعالى عليهم نعمة نفع فله عليهم نعمة دفع ، لأنه سبحانه لا يوصل إليهم فى النار ألما إلا وهو يقدر أن يوصل إليهم ألما فوق ذلك ، فإذا لم يؤلمهم بأشد مما آلمهم كان ذلك دفعا عنهم.
ومن آداب من عرف أنه لا يتناهى إحسانه إليه أن يقف عن عصيانه له استحياء من كرمه وكثرة إنعامه.
ومن الواجب على العبد أن يعلم أنه ليس كل إنعامه انتظام أسباب الدنيا والتمكن من تحصيل المنا والوصول فيها إلى الهوى ، بل ألطاف الله سبحانه إلى ما يزوى عنهم من الدنيا أكثر ، وإحسانه إليهم أوفر ، وإن قرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى على حسب تباعده من الدنيا.
وفى بعض الكتب : إن أهون ما أصنع بالعالم إذا مال إلى الدنيا أن أسلبه حلاوة مناجاتى.
__________________
(١) إبراهيم : ٣٤.