إليها بالعبرة ، فخرج من تلك الدار رجل مجوسى شيخ كبير ، فقال له : يا مقدم الأخيار : هل تقنع أن تكون ضيفا لمقدم الأشرار؟ فدخل أبو حفص مع أصحابه داره ، وكان معهم من قراء القرآن ، فأخرج المجوسى كيسا فيه دراهم كثيرة وقال : أنا أعلم أنكم تتنزهون عما تصل أيدينا إليه من الطعام فمروا من يشترى لكم بهذه الدراهم شيئا من السوق ، ففعلوا وأكلوا شيئا ، فلما أراد أبو حفص أن يخرج قال له الشيخ المجوسى : لا يمكنك أن تخرج إلا وأنا أصحبك ، فاعرض عليّ الإسلام ، فأسلم هو وأولاده ورهطه ، بضعة عشر نفسا ، فخرج أبو حفص ثم قال لأصحابه : إذا خرجتم إلى النزهة فاخرجوا هكذا.
لما سبق الحكم له بالسعادة سيق إليه مثل أبى حفص حتى أكمل الله له نوره ، كذلك جرت سنته الكريمة : (إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١).
* * *
__________________
(١) يس : ٨٢.