يجد بسببه ألما ، قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) (١) ، يحكى عن الربيع بن خيثم أنه قال : مررت بمكتب فرأيت صبيا يبكى ، فقلت : مم تبكى؟ فقال : غدا يوم الخميس أحتاج أن أعرض الدرس على المعلم ولست أحفظ ، فقلت : كيف بى إذا كان يوم القيامة وأحاسب على ما أسلفت.
وإذا علم العبد أن الله سبحانه قال : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) (٢) وتحقق بأنه يطالبه بأفعاله وأعماله غدا داخله الروع والفزع والطمع شاء أو أبى.
يحكى عن أبى الحارث الأوسى أنه قال : كنت قاعدا فى بيتى فدقت عليّ جارية الباب فقلت من؟ فقالت : جارية تسترشد الطريق ، فقلت : طريق الهرب أم طريق النجاة؟ فقالت : يا بطال ، أو إلى الهرب طريق؟ ثم قالت : اقرأ عليّ شيئا من القرآن ، فجرى على لسانى : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً) (٣) فصاحت وخرج روحها ، فإذا عليها مسح من شعر ، فوجدت فى جيبها رقعة مكتوب فيها : إذا مت فادفنونى فيها ، فإن كان لى ثمّ قبول أبدلها الله سندسا وحريرا ، وإن لم يكن فسحقا وبعدا.
وهكذا إذا علم العبد أن الآخرة هى دار القرار ، علم أن النعيم الأكبر لا ينفع مع العاقبة الأليمة ، والبلاء الشديد فى الدنيا لا يضر مع الخاتمة الجميلة.
يحكى عن بشر الحافى أنه كان يلتقط يوما الحثالة من الطريق ، فجاء كلب يلتقط معه ، وكان بشر يلتقط البقل والكلب يلتقط العظام ، فظهر لقمة خبز ، فأراد بشر أن يأخذها فنبح عليه الكلب ، فطرح بشر الخبز إليه وقال : إن كان عاقبتى إلى خير فلا يضرنى ما أنا فيه ، وإن كان على وجه آخر فأنت خير منى.
__________________
(١) البقرة : ٢٨١.
(٢) القيامة : ٣٦.
(٣) المزمل : ١٢ ، ١٣.