ويحكى عن بعضهم أنه قال : رأيت ببلاد الهند شيخا كبيرا يسمى الصبور ، فسألت عن حاله فقيل : إنه كان له حبيب فى عنفوان شبابه ، فسافر يوما فخرج هذا الرجل إلى وداعه ، فبكت إحدى عينيه ولم تبك الأخرى ، فقال لعينه : لأحرمنك النظر إلى محبوب الدنيا عقوبة لك إذ لم تساعدينى على البكاء لفراق محبوبى ، فمنذ ثلاثين سنة غمض عينه ولم ينظر بها إلى شيء.
وفى القصة أن يوسف عليهالسلام كان له زوج حمام ، فلما فارق يوسف يعقوب عليهماالسلام ، فكلما أراد يعقوب أن يبتسم أو يخاطب أحدا أو يتكلم جاء الحمام ووقف بحذائه يذكره عهد يوسف عليهالسلام ، فكان يتنغص بعيشه.
فإذا كان مثل هذا موجود فى وصف المخلوقين إذ كانت محبتهم لأشكالهم فأولى وأحرى أن يكون مثل هذه المطالبات محفوظة على الأحباب ، فإن عهد الأحباب لا يخلق عند الأحباب ، ولا يزدادون على ممر الأيام إلا وفاء على وفاء ، وصفاء على صفاء ، يخلق الدهر ويبلى وهم بعد طول الزمان أحبة.
وفى معناه أنشدوا :
لم ينسينك سرور لا ولا حزن |
|
وكيف لا كيف ينسى وجهك الحسن |
ولا خلا منك قلبى لا ولا بدنى |
|
كلى بكلك مشغوف ومرتهن |
وأنشدوا :
ولا أنس بالأشيا لم أنس قولها |
|
وأجفانها من شدة الوجد تذرف |