فى المحراب وفيه رقعة مكتوب فيها : لا حاجة لنا فى كفنكم ، هذا ولى من أوليائنا مات ، فلا أطعمتموه ولا سقيتموه ولا عللتموه ولا كلمتموه ، قال : فاتخذوا فى تلك القرية دارا للضيافة ، فلم يمر بهم غريب إلا أضافوه وأحسنوا إليه ، وتلك القرية بالشام.
وأن من علم أن مولاه قدير على ما يريد قطع رجاءه عن الأغيار وتفرد سره بمن لم يزل ولا يزال ، كما أخبر سبحانه عن إبراهيم أنه قال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) (١) قال أهل الإشارة : معناه : سهلت طريقهم إليك وقطعت رجاءهم عمن سواك ، ثم قال : (رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) أى شغلتهم بخدمتك فأنت أولى بهم منى ومنهم ، ثم قال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أى إذا احتاجوا إلى شيء فذلل عبادك لهم وأوصل رعايتك إليهم ، فإنك على ما تشاء قدير.
وأن من لزم بابه أوصل إليه محابه وكفاه أسبابه وذلل له كل صعب وأورده كل منهل عذب من غير قطع شقة ولا تحمل مشقة.
يحكى عن الجنيد أنه قال : سمعت السرى يقول : إن فى قرى بغداد أولياء لله لا يعرفهم الخلق ، فكنت أمشى وأدور فى القرى لعلّى أجد منهم أحدا.
__________________
(١) إبراهيم : ٣٧.