الحياة تقتضى بنية وبلة ، ومنها : إنكارهم سؤال القبر وعذاب القبر ، وليس هذا موضع بسط الكلام فى هذه المسألة ، ولهذا أعرضنا عنه.
وليس معنى الإحياء والإماتة أيضا فى وصفه ما ظنه نمرود حيث حاجّ إبراهيم فى قوله: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) (١) فعمد إلى رجل محبوس فى سجنه فأطلقه فقال : هذا كان ميتا فأحييته ، وقتل رجلا برئ الساحة وقال : هذا كان حيا فأمته ، لأنه لم يخلق لأحد لا موتا ولا حياة ، والمحيى والمميت على الحقيقة من يخلق الموت والحياة ، وذلك صفة القديم سبحانه.
ثم إن هذه الطائفة أطلقوا لفظ الإحياء والإماتة لا على هذا الوصف ، ولكن على معنى السرور والفرح والمحن والترح بنوع توسع ، على ما سيجيء ذكر بعضه إن شاء الله تعالى.
من ذلك أنهم قالوا : أجرى فى عادة الناس أن فلانا أحيى فلانا إذ جبر حاله وأصلح أموره ، ويقولون : قد مات حال فلان إذا ساء أمره ، ويقولون : من أقبل عليه الحق أحياه ، ومن أعرض عنه أماته وأفناه ، ومن قرّبه أحياه ومن غيبه أفناه ، وأنشد بعضهم :
أموت إذا ذكرت ثم أحيا |
|
فكم أحيا عليك وكم أموت |
قال الله سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٢) قيل فى بعض التفاسير : إحياء بذكره سبحانه لهم بالجميل ، ومن المشهور فى ألفاظ الناس : لم يمت من كان له مثل فلان خلف ، قال الشاعر :
فإن يك عتاب مضى إلى سبيله |
|
فما مات من يبقى له مثل خالد |
__________________
(١) البقرة : ٢٥٨.
(٢) آل عمران : ١٦٩.