تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فقال الفراء : هو عماد ، ومعناه الله أحد ، وهذا ضعيف لأن العماد لا يكون إلا بعد إن وأخواتها ، وأما التوحيد فهو الحكم بأن الواحد واحد ولا يكون ذلك الحكم إلا بالقول وبالعلم ، وقد يكون بالإشارة إذا عقد على إصبع واحد.
والتوحيد ثلاثة : توحيد الحق سبحانه لنفسه ، وهو علمه بأنه وإخباره عنه بأنه واحد واحد ، وتوحيد العبد للحق بهذا المعنى ، وتوحيد الحق للعبد هو إعطاؤه له التوحيد وتوفيقه ذلك.
وقال الشبلى : التوحيد للحق توحيد وللخلق تطفيل ، وقال الجنيد : التوحيد إفراد القدم عن الحدث ، وقال ذو النون المصرى : التوحيد أن تعرف أن قدرة الله تعالى فى الأشياء بلا علاج ، وصنعه للأشياء بلا مزاح ، وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه ، وقيل : التوحيد : إسقاط الياءات ، أى لا تقول لا متى ولا إلى ، وقيل : التوحيد فناء الرسم لظهور الاسم ، وقيل انمحاء الرسوم لظهور الحقائق ، وقيل : دثور الخلق لظهور الحق ، وقيل : التوحيد أن تعلم أن كل ما يخطر ببالك مما ترتقى إليه كيفية أو تنتهى إليه كمية أو تنتمى إليه ماهية أو تليق بوصفه أينية فالله جل جلاله بخلافه ، وقال بعضهم : تدرى لم لا يصح لك توحيدك؟ لأنك توحده بك وتطلبه لك ، بمعنى الواجب أن تعرف أن طلبك له به ووجودك إياه منه ، فهو المبتدئ بالفضل بل هو المجرى والمبدئ للصنع ، تبارك الله رب العالمين.
* * *