الغالب عليه اليبوسة ولحم كساه الغالب عليه اللين والرطوبة ومخ بين العظم الغالب عليه اللين والرخاوة ، فسبحان من جمع بين هذه الأشياء المختلفة ، وانظر إلى التئام كل نوع وكل جنس ، كيف جمع بين الأشياء المختلفة فى الطعم واللون والرائحة ، كالرمان مثلا انظر إلى قشره فى لونه وشكله وطعمه ، وما قال أهل الطب فيه ، وإن لم تكن له حقيقة فى القول بطبعه ، ولكن على ما أجرى به العادة فى الآثار التى يخلقها الله سبحانه عقيب أكله واستعماله فى الطبع وغيره ، ثم انظر شكل حبه ولونه وطعمه ثم ما بين الحب من عجمه ، ثم ما بين الحباب من رقيق قشره ، ثم هكذا القول فى الأترج ، من قشره ولحمه وحماضه وحبه وسائر الثمار ، وجميع أصناف المخلوقات والحيوانات من الجمادات ، كيف جمع هذه الأعراض المختلفة وهذه الجواهر المتجانسة ، ومن صرف قلبه إلى الاعتبار بما توعد به عباده من أحوال يوم القيامة وصنوف أهوالها تحقق بديع قدرته وظاهر حكمته ، وتنبه للانزجار عن أليم مساخطه.
ومما روى فى أوصاف يوم القيامة أنه يوقف شيخ للحساب فيقول الله له : يا شيخ ، ما أنصفت ، غذوتك بالنعم صغيرا ، فلما كبرت عصيتنى ، أما إنى لا أكون لك كما كنت لنفسك ، اذهب فقد غفرت لك ما كان منك.
وإنه ليؤتى بالشاب كثير الذنوب ، فإذا وقف تضعضعت أركانه واصطكت ركبتاه فيقول الرب جل جلاله : أما استحييت منى؟ أما راقبتنى؟ أما خشيت نقمتى؟ أما علمت أنى مطلع عليك؟ خذوه إلى أمه الهاوية.
وفى خبر أن الوحوش والبهائم تحشر يوم القيامة فتسجد لله سجدة فتقول الملائكة : ليس هذا يوم سجود ، هذا يوم الثواب والعقاب ، فتقول البهائم : هذا منا سجود شكر حيث لم يجعلنا الله من بنى آدم.