ومنها الدعاء بمعنى النداء : كقوله عزوجل فى بنى إسرائيل : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ) أى يناديكم.
وفى هذا الموضع الدعاء بمعنى النداء ، قال تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا) أى : نادونى إن شئتم بقولكم : يا الله ، وإن شئتم : يا رحمن ، وقوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا) إن شئت قلت : «ما» صلة ومعناه : أيا تدعوا ، وإن شئت قلت : «ما» للتأكيد وجاز تكريره لما اختلف اللفظ.
وقوله : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) (الإسراء : ١١٠) الصلاة فى اللغة هى الدعاء ، وفى الشرع : دعاء مخصوص على شروط ، ومن أهل اللغة من قال : الأصل فى الصلاة اللزوم ، فكأن المصلى لزم هذه العبادة المخصوصة لاستنجاح طلبته من الله تعالى ، وبعض العلماء قال : سميت هذه العبادة المخصوصة صلاة لأنها فى أكثر المواضع ثانى الإيمان وتالية فى الذكر ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) (البقرة : ٣) وأمثلته كثيرة ، قال : والعرب تسمى الفرس الّذي يتلو السابق من الخيل فى الحلبة المصلى ، لأن رأسه عند صلوى السابق.
واختلفوا فى معنى الصلاة هاهنا ، فقال كثير من المفسرين : إنه أراد : لا تجهر بالقراءة فى الصلاة ولا تخافت بها ، وذلك أن المشركين كانوا إذا سمعوا النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ فى الصلاة آذوه ، فأمر أن لا يجهر فى صلاته جهرا يسمعه المشركون ، ولا يخافت بها ، والمخافتة السكوت ، يقال : خفت الميت خفوتا إذا برد ، وهاهنا يريد أن يقتصر فى القراءة على ذكر القلب ، لأن القراءة المأمور بها فى الصلاة محلها اللسان ، فإن اقتصر على ذكر القلب نقل الشيء عن محله إلى غير محله ، ووضع الشيء فى غير موضعه لا يجوز ، وفى الآية إشارة إلى