حيث قال : حقيقة التوحيد أن تعرف أن قدرة الله فى الأشياء بلا علاج ، وصنعه للأشياء بلا مزاج ، وعلة كل شيء صنعه ولا علة لصنعه ، وما تصور فى وهمك فالله تعالى بخلافه.
ومعنى قوله : وعلة كل شيء صنعه أنه ما ظهر حادث إلا والله صانعه ولا علة لفعله أى : لم يحمله على الفعل غرض ولا دعاه إلى الإيجاد محرك ، فهو سبحانه لا يشبهه أحد ، ولا يوجد من دونه ملتحد ، وكيف لا وهو سبحانه واحد لا يجمعه عدد ، وصمد لا يقطعه أمد ، وفى معناه أنشدوا :
يا من إذا قلت يا من لا نظير له |
|
فى عزه قيل لى يا صادق البشر |
وكان الشيخ أبو على الدقاق يقول : إن مجنون بنى عامر ادعى المحبة لشخص وتحقق فيها حتى هجر الأوطان وفارق الإخوان ، واغترب عن كل شيء حتى اسمه ، فلما خرج إلى الصحراء رأى ظبيا فقال :
فعيناك عيناها وجيدك جيدها |
|
سوى أن عظم الساق منك دقيق |
فقال له أهل التحصيل : أف لك من محب ، قاسيت ما قاسيت وتحملت ما تحملت ، وحين خرجت إلى الصحراء وجدت من أمثاله ما لا يحصى (١).
__________________
(١) أما الحب فى الله الواحد الأحد ، من ليس له شريك فى الملك فهو الحب على التحقيق ، إذ لا يشبه الله أحد من خلقه.