من باب الكناية التي هي استعمال اللفظ في معناه الحقيقي بداعي الانتقال الى لازم معناه حيث ان اخبار المخبر بوقوع مطلوبه في الخارج يكون من لازم البعث والارادة الجدّية نحو المطلوب فتكون آكد من الصيغة وما في معناها كاسماء الافعال والامر باللام نحو ليضرب لان الاخبار بوقوعه على نحو الكناية يكون كدعوى الشيء ببينة وبرهان.
بيانه : ان المطلوب قد يقع لانه متعلق الارادة الجدّية ، وكل متعلق الارادة الجدية لا بد ان يقع في الخارج ، فهذا لا بد ان يقع فيه ، وهذه الكناية مراد المصنف قدسسره من قوله : فانه مقال بمقتضى الحال وهي ابلغ واحسن من التصريح ، اما وجه الابلغية فلانها كدعوى الشيء ببينة وبرهان كما ذكر ، بخلاف التصريح.
واما وجه الاحسنية فلانها تنتج لمقبولية مقدماتها ، مثلا : اذا قلنا (ان زيدا كثير الرماد) لانه جواد وكل جواد كثير الرماد فزيد كثير الرماد فنسلّم الصغرى والكبرى.
بخلاف التصريح فانه اذا قلنا (ان زيدا جواد) لانه كثير الرماد وكل كثير الرماد جواد فزيد جواد ، فهنا لا نسلّم الكبرى.
وفي ضوء هذا فاذا عصى المكلف فلا يلزم الكذب لان المطلوب فيها طلب المحمول لا وقوعه في الخارج.
الدليل الثاني :
قوله : مع انه اذا أتى بها في مقام البيان فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها ... الخ وتدل على حمل الجملة الخبرية على الوجوب مقدمات الحكمة ، يعني الدليل الثاني عليه هو مقدمات الحكمة. بيانها : ان المتكلم اذا كان في مقام البيان ، لا في مقام الاجمال والاهمال ، ولم يكن القدر المتيقن في مقام التخاطب. ولم ينصب قرينة على الندب. فتحمل على الوجوب لشدة الاخبار بوقوع المطلوب في الخارج ، مع الوجوب في الوقوع في الخارج فالاخبار بوقوع المطلوب في الخارج يلائم استعمالها في الوجوب. وهذه الشدة توجب لظهورها فيه أو لتيقن الوجوب من هذه