الثلاث ، فهو حسن ، لانه علم من نحو أقيموا الصلاة ان الصلاة واجب نفسي وكذا علم من نحو قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(١) ان الوضوء واجب غيري لمكان تقييد وجوبه بالقيام الى الصلاة. هذا مضافا الى الاجماع ، بل الضرورة على كون وجوبه غيريا. كما ان المستفاد من نحو أقيموا الصلاة كون وجوب الصلاة نفسيا لمكان الاطلاق.
واما اذا لم يعلم ان الواجب نفسي أم غيري ، فالتحقيق ان الهيئة التي يتبادر منها الطلب الحتمي ، والحال انه مشترك بين ما كان لنفسه او لغيره موضوعة لمعنى يشمل الواجب النفسي والواجب الغيري وهو البعث والتحريك نحو الفعل. الا إن اطلاقها يقتضي كونه نفسيا لا غيريا ، كما تقدم الكلام في ذلك في المبحث السادس من بحوث صيغة الامر بعد بحث الواجب التعبدي والواجب التوصلي ، فراجع هناك حتى ينكشف الحال.
ولكن الشيخ الانصاري قدسسره ، حيث تكلّم في المقام من ناحية الشك في كون الواجب نفسيا او غيريا مبسوطا ومشروحا ، فلذا اعاد المصنف قدسسره البحث فيه ثانيا ، وإلّا فقد مضى وقال انّ الواجب لو كان شرطا لغيره لوجب التنبيه عليه على المتكلم الحكيم عزّ اسمه اذا كان في مقام البيان ، اذ الواجب الغيري كثير المئونة ، والواجب النفسي خفيف المئونة ، اذ هو يحتاج الى تقييد الوجوب بوجوب غيره ، مثل اذا وجبت الصلاة فتوضأ ، بخلاف الواجب النفسي ، وهذا واضح.
قوله : واما ما قيل من انه لا وجه للاستناد ... الخ فاستشكل المستشكل انه لا يمكن التمسك باطلاق الهيئة اذ يكون وضعها كوضع الحروف ، فالموضوع له فيها جزئي ، فكذا يكون الموضوع له هيئة الامر جزئيا ، والجزئي لا يكون مطلقا حتى يقيد ، بقيد فيكون الاطلاق منتفيا في الهيئة ، فلا محل له ، اي للتمسك باطلاق الهيئة.
__________________
(١) سورة المائدة : آية ٦.