* قراءة شاذة*
عن أبي الشعثاء (١) أنّه قرأ لا ريب بالرّفع على ان تكون (لا) هي المشبهة بليس ، والفرق بينها وبين القراءة المشهورة أنّ المشهورة صريحة في نفي جميع الأفراد ولو من جهة الاستلزام وهذه ظاهرة من جهة وقوع النكرة في سياق النفي ، مع احتمال أن يراد به معنى لا يشمل المثنّى والمجموع.
وإنّما أخّر الظرف هنا بخلاف (لا فِيها غَوْلٌ) (٢) لأنّهم يقدّمون الأهمّ ، وهو في المقام نفي الرّيب بالكليّة من الكتاب ، وإثبات أنّه حق وصدق ، لا باطل وكذب ، ولو قدّم فيه الظرف لأوهم وجود كتاب آخر فيه الرّيب لا في هذا ، كما قصد في قوله : (لا فِيها غَوْلٌ) تفضيل خمر الجنّة على خمور الدنيا بفقد الصفة المصرّحة بها.
وهذا الوهم ممّا لم تسق الآية للإشعار بها ، مع ما فيه من الإزراء بالمعنى الأوّل الّذي هو المقصود.
* الوقف *
الوقف على (فِيهِ) هو المشهور ، وعن نافع (٣) ، وعاصم (٤) : أنّهما وقفا على (لا رَيْبَ) بناء على حذف الخبر كما هو الشائع في هذا الباب للعلم به ، ومنه قوله تعالى : (قالُوا لا ضَيْرَ) (٥) وقولهم : لا بأس ، والتقدير : لا ريب فيه ، فيه هدى ولا بدّ أن
__________________
(١) ابو الشعثاء سليم بن أسود المحاربي الكوفي التابعي قتل يوم الزاوية مع ابن الأشعث في سنة (٨٥) ـ تهذيب التهذيب ج ٤ ص ١٤٩.
(٢) الصافّات : ٤٧.
(٣) نافع بن أبي نعيم المدني من القرّاء السبعة توفي (١٦٩) أو (١٧٦).
(٤) هو عاصم بن أبي النجود بن بهدلة الكوفي القاري المتوفى (١٢٧) أو (١٢٨).
(٥) الشعراء : ٥٠.