كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (١) ، وقال تعالى : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (٢).
أو باعتبار الثبات والبقاء عليه بعد حصوله على ما مرّ في الفاتحة (٣).
أو أنّ المراد بالمتّقين المشارفون للتقوى ، فإنّ أثر الهداية ظاهرة فيهم.
أو أنّه لا حاجة إلى ارتكاب التجوّز في شيء من الطرفين ، بل هو على حدّ قولهم : السلاح عصمة للمعتصم ، والمال غنى للغنيّ ، فإنّه على قصد السببيّة ، وإن كان تحقّق الموضوع باعتبار الوصف.
و (هُدىً) ليس بمعنى الفاعل حتى يراد به الحدوث ، وعلى فرضه فقد يراد به اللزوم والاستمرار.
والمتّقي مفتعل من الوقاية ، أصله الموتقى قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال ، وأمّا قلب الواو تاء في التقوى حيث إنّ أصله وقوى فلخصوص المادّة كالتراث ، دون الهيئة ، بخلاف الأوّل فإنّه مطّرد الجواز في ذلك الباب كالاتّحاد ، بل قال الجوهري : إنّه لمّا كثر استعماله على لفظ الافتعال توهّموا أنّ التاء من نفس الحرف فجعلوه (اتقى ، يتقي) بفتح التاء فيهما مخفّفة ، ثمّ لم يجدوا له مثالا في كلامهم يلحقونه به فقالوا : تقى يتقي مثل قضى يقضي.
ومعنى التقوى في الأصل الصيانة والحجز بين الشيئين ، يقال : اتقاه بالترس أي جعله حاجزا بينه وبينه.
__________________
(١) سورة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ١٧.
(٢) سورة الفتح : ٤.
(٣) تفسير الصراط المستقيم ج ٣ ص ٥٦٢.