عزوجل على سرّ العبد بلطفه ، فهذا أصل كل حقّ (١)
وقال عليهالسلام : وقد جمع الله ما يتواصى به المتواصون من الأوّلين والآخرين في خصلة واحدة وهي التقوى ، قال الله جلّ وعزّ : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) (٢) ، وفيه جماع كلّ عبادة صالحة ، وبه وصل من وصل الى الدرجات العلى ، والرتبة القصوى ، وبه عاش من عاش مع الله بالحياة الطيّبة والأنس الدائم ، قال الله عزوجل : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (٣) (٤).
وقال عليهالسلام : التقوى على ثلاثة أوجه : تقوى بالله وفي الله ، وهو ترك الحلال فضلا عن الشبهة ، وهو تقوى خاصّ الخاصّ ، وتقوى من خوف النار والعقاب ، وهو ترك الحرام وهو تقوى العام ، ومثل التقوى كماء يجري في نهر ، ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر ، من كل لون وجنس ، وكلّ شجرة منها يستمصّ الماء من ذلك النهر على قدر جوهره وطعمه ولطافته وكثافته ، ثمّ منافع الخلق من ذلك الأشجار والثمار على قدرها وقيمتها ، قال الله تعالى : (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) (٥).
فالتقوى في الطاعات كالماء للأشجار ، ومثل طبائع الأشجار والثمار في لونها وطعمها مثل مقادير الإيمان ، فمن كان أعلى درجة في الإيمان وأصفى جوهرا
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٧٠ ص ٣٩٤ ج ٤٠ عن مصباح الشريعة ص ٤٤.
(٢) سورة النساء : ١٣١.
(٣) سورة القمر : ٥٤.
(٤) بحار الأنوار ج ٧٨ ص ٢٠٠.
(٥) سورة الرعد : ٥.