وهذا هو المستفاد من تفسير الإمام عليهالسلام حيث قال : كذّبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : سحر مبين (تَقَوَّلَهُ) ، فقال الله تعالى : (الم)(ذلِكَ الْكِتابُ) أي يا محمّد هذا الكتاب الّذي أنزلته عليك هو بالحروف المقطّعة الّتي منها ألف ولام وميم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين (١) إلخ.
فدلّ على أنّ المتحدّى به هو المؤلّف من جنس ما يركّبون منه كلامهم.
و (ذلِكَ الْكِتابُ) جملة ثانية مقرّرة لجهة التحدّي بأنّه الكامل الّذي لا يحقّ غيره أن يسمّى كتابا في جنسه أي في باب التحدّي والهداية إلى صدق من جاء به ، وأنّه هو الكتاب المبارك الّذي لا يمحوه الماء المختار من بين الكتب السماوية بإعجاز اللفظ وفخامة المعنى الّذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله ... الى آخر ما مرّت إليه الإشارة من كلام الإمام عليهالسلام.
و (لا رَيْبَ فِيهِ) جملة ثالثة نافية لأن يتثبّت به طرف من الريب فكان شهادة وتسجيلا بكماله ، إذ لا كمال أكمل ممّا للحق واليقين كما أنّه لا نقص أنقص ممّا للباطل والشبهة.
قيل لبعض العلماء : فيم لذّتك؟ قال : في حجّة تتبختر اتّضاحا ، وفي شبهة تتضائل افتضاحا.
و (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) بما قدر له مبتدأ جملة رابعة مؤكّدة لكماله بافادة الهداية الّتي هي من شأن الكتب السماويّة.
فدلّت الجمل الأربعة على أنّه هو الحقيق بأن يتحدّى به ويهتدى بنوره الأمّة هو المبشّر به في الكتب السالفة ، ولكمال نظمه في باب البلاغة ، وكماله في نفسه ، وفيما هو المقصود منه.
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٥٤.