بأحسن أسمائهم ، ووصفهم بأشرف صفاتهم ونعّتهم بما هو الأصل والأساس لساير أسمائهم الحسنى وصفاتهم العليا ، وهو إيمانهم بالغيب ، حتّى صار ما غاب عنهم لقوة الإيمان بمنزلة العيان ، فإنّ الإيمان نور إلهي ينقذف في القلب من التصديق والإذعان لله تعالى ولأنبيائه وأوليائه ، وهو يقبل الشدّة والضعف ، والزيادة والنقصان بحسب الكمّية والكيفيّة فيزيد شيئا فشيئا بزيادة الإعتبار والإستبصار ، والعلم الموجب لزيادة العمل وحسنه وخلوصه المؤدّي إلى زيادة المعرفة وجلاء البصيرة ، فإنّ كلّا من العلم والعمل يدور على الآخر ، الى ان ينتهي الى اليقين متدرّجا في مراتبه إلى أن يصل إلى معاينة الحقائق والتحقق بها في جميع المراتب. وهذا كلّه من مراتب الإيمان الّذي تنفتح معه البصيرة الباطنة ، ولذا ورد : إنّ المؤمن له أربعة أعين ، عينان في ظاهر البدن ، وعينان في باطن القلب ، وبهما يطّلع على الحقائق ، وينجلي ضياء المعرفة في قلبه ، ويترشّح النور من قلبه على ساير جوارحه فلا يصدر شيء منها من حركة أو سكون أو فعل او انفعال إلّا ما هو مقتضى الإيمان ، ورضى الرحمان ، ومطردة الشيطان.
وذلك لأنّه قد استولى وغلب على قلبه التصديق والإذعان والمعرفة بالله وبأنبيائه ورسله وحججه ، وباليوم الآخر ، ووعده ، ووعيده ، وغير ذلك ممّا رأته القلوب بحقائق الايمان ، وشهود الأنوار ، وإن لم ترها العيون الّتي في الأبدان بمشاهدة الأبصار ، بحيث لم يبق في قلبه متّسع لغير ذلك ، فصار إيمانه هو الحاكم المتصرّف في نفسه فضلا عن بدنه على جهة الاستقامة على مقتضى الولاية الّتي هي حقيقة العبوديّة لله سبحانه طوعا واختيارا بحيث لا يكاد يميل قلبه إلى غيرها رغبا أو رهبا بعد استقرار السكينة في قلبه.
والحاصل أنّ للإيمان الكامل آثارا من حيث التخلّق بالأخلاق الفاضلة الروحانية ، والإشتغال بالأعمال الصالحة البدنيّة ، وكلّها ناشية عن كمال الإذعان