وقد تواترت به الأخبار عن أهل البيت عليهالسلام ، بل قد علم ذلك من ضرورة المذهب وإن طعن به علينا بعض الجهلة من المخالفين ، حسبما تسمع إن شاء الله تمام الكلام في تحقيقه وفي رفع شبه المخالفين في تفسير قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) (١).
ثم إنّ مقتضى الإيمان به أنّ له سبحانه محو ما شاء من التكوينيّات وتبديله بغيره ما لم يظهر في الوجود العيني ، ومن البيّن أنّ ما أخبر به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهالسلام من ظهور الحجّة ، وأحوال الرجعة ، وتحقق القيامة ، والحساب ، والصراط ، والميزان ، والجنّة للمطيعين ، والنار للعاصين ، وغير ذلك من الأمور الكثيرة كلّها من التكوينيّات الّتي يتطرّق إليها احتمال البداء ، ويلزمنا الإيمان به ومعه كيف يمكن التصديق العلمي والإعتقاد الجزمي بتلك الأمور من حيث التحقّق والوقوع سيّما مع وقوعه فيما هو من اصول الاماميّة ، كإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام ، وغيره ممّا وقع فيه البداء.
والجواب أنّ هذه الأمور الّتي قد تواتر الأخبار بها من الأنبياء والأئمّة عليهالسلام حتى صارت من ضروريات الدين بل من الأصول العلميّة الّتي يجب اعتقادها على جميع المؤمنين ممّا لا يتطرّق إليها احتمال المحو والتغيّر والتبدّل ، ولا مجال للقول بالبداء فيها ، حتّى أنّ الوعيديّة قالوا : بوجوب العذاب مع كثرة ما ورد من الوعد بالعفو والصفح ، فتلك الأمور وما ضاهاها من العقائد الإيمانيّة لم نؤمر باعتقاد البداء فيها بل أمرنا فيها بالاعتقاد بالتحقّق والوقوع كما هي كذلك في الواقع.
ولذا قال مولانا الباقر عليهالسلام على ما رواه في المحاسن والعيّاشي في تفسيره قال عليه صلوات الله : العلم علمان : علم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه ،
__________________
(١) سورة الرعد : ٣٩.