«قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي ...» (١) سخيف جدّا.
وأمّا ما ذكره الرازي من أنّ هذا الاشتقاق يفضي الى طعن عظيم في حجّية القرآن ، لأنّ لفظ الصلاة من أشدّ الألفاظ شهرة وأكثرها دورانا على ألسنة المسلمين ، واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء اشتهارا فيما بين أهل النقل ، ولو جوّزنا أن يقال : مسمّى الصلاة ما ذكرتم أنّه خفى واندرس حتّى صار بحيث لا يعرفه إلّا الآحاد لجاز مثله في سائر الألفاظ ، ولو جوّزنا ذلك لما قطعنا بأنّ مراد الله تعالى من هذه الألفاظ ما يتبادر أفهامنا إليه من المعاني في زماننا ، لاحتمال كونها في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم موضوعة لمعان آخر وكان مراد الله تلك المعاني إلّا أنّها قد خفيت في زماننا واندرست كما وقع في هذه اللّفظة ، وهو باطل بالإجماع فكذا ذلك.
ففيه أنّ هجر المعنى الأوّل في الألفاظ المنقولة ليس ببدع ، وقياس غيرها بها كما ترى ، وأصالة عدم النقل بل الهجر محكّمة في الإطلاقات العرفيّة الّتي ينزل عليها الخطابات الشرعية.
وعلى كلّ حال فقد يقال كما عن الباقلاني وغيره : ببقائها كغيرها من ألفاظ العبادات على المعاني اللغويّة والأكثر على أنّها منقولة شرعا كما هو الأظهر الأشهر ، أو متشرّعا كما عن جماعة إلى ذات الأركان والكيفيات المخصوصة وإن اختلفت باختلاف أحوال المكلّفين من حيث اعتبار الأجزاء والشرائط والكيفيّات وغيرها كلّا أو بعضا ، عينا أو بدلا.
وهذا كلّه ممّا يتعلّق بصحّتها وأجزائها ، ولها آداب ووظائف تتعلّق بالقبول من الإقبال ، والخشوع ، والتوجّه ، وغير ذلك ممّا ستسمعها في موضعها إن شاء الله
__________________
(١) رواه في العيون ج ١ ص ٢٣٤ ح ٥٩ وفي الأمالي ص ١٤٧.