تعالى ، ولذا لم نتعرّض لها إلّا عدى ما رواه السيّد (١) بن طاوس طاب ثراه. قال : جاء الحديث أنّ رذام مولى خالد بن عبد الله ، وكان من الأشقياء ، سأل الإمام جعفر بن محمّد عليهماالسلام بحضرة أبي جعفر المنصور عن الصلاة وحدودها ، فقال عليهالسلام : للصلاة أربعة آلاف حدّ لست تفي بواحد منها ، فقال : أخبرني بما لا يحلّ تركه ، ولا تتمّ الصلاة إلّا به ، فقال عليهالسلام : لا تتمّ الصلاة إلا لذي طهر سابغ ، وتمام بالغ غير نازغ ولا زائغ ، عرف فاخبت وثبت وهو واقف بين اليأس والطمع ، والصبر والجزع ، كأنّ الوعد له صنع والوعيد به وقع ، بذل عرضه ، وتمثّل غرضه ، وبذل في الله المهجة وتنكّب إليه المحجّة ، غير مرتغم بارتغام ، يقطع علائق الاهتمام بغير من له قصد ، وإليه وفد ، ومنه استرفد ، فإذا أتى بذلك كانت هي الصلاة الّتي (تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ).
فالتفت المنصور إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال : يا أبا عبد الله لا نزال من بحرك نغترف ، وإليك نزدلف ، تبصّر من العمى ، وتجلو بنورك الطخياء فنحن نقوم في سبحات قدسك ، وطامي بحرك ... الخبر (٢).
ولعلّ قوله عليهالسلام : وتمام بالغ ، إشارة إلى آيتي تمام النعمة والتبليغ ، غير نازغ ولا زائغ كلاهما بالغين والزاي المعجمتين ـ أي غير ناصب عداوة لأهل البيت ، ولا مائل عنهم ، والعرض بالمهملة المتاع ، وبالمعجمة الهدف ، أي بذل رأس ماله ، وجعل نفسه هدفا لما يرمى إليه ، والارتغام اللصوق بالرغام وهو التراب.
__________________
(١) هو السيّد علي بن موسى بن جعفر الحسني الداودي المعروف بابن طاوس توفّى سنة (٦٦٤) ه.
(٢) مستدرك الوسائل : ج ٤ ص ٩٢.