وبأنّه سبحانه هو الرازق والرزّاق ، وقاسم الأرزاق ولا يجعل الشيء رزقا لمن حرّمه عليه لقبحه ومخالفته للتكليف.
واحتجت الأشاعرة لما ذهبوا إليه بأنّ الرزق في اللّغة الحظّ والنصيب ، فمن انتفع بالحرام صار ذلك الحرام حظّا ونصيبا له فوجب أن يكون رزقا له.
وبأنّه تعالى قال : (ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (١) ، وقد يعيش الرّجل طول عمره لا يأكل إلّا من السرقة والخيانة والرشوة والرباء وغيرها من أنواع الحرام ، فوجب أن يقال : إنّه طول عمره لم يأكل من رزقه شيئا.
وبما رووه عن صفوان بن اميّة ، قال : كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ جاء عمر بن قرّة ، فقال : يا رسول الله إنّ الله كتب عليّ الشقوة فلا أراني ارزق إلّا من دفّي فأذن لي في الغناء من غير فاحشة ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا آذن لك ولا كرامة ولا نعمة أي عدّو الله لقد رزقك الله طيّبا فاخترت ما حرّم الله عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله ، أما إنّك لو قلت بعد هذه المقالة ضربتك ضربا وجيعا (٢).
ومن طرقنا عن الصادق عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : انّ الروح الأمين جبرئيل أخبرني عن ربّي أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها ، فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب ، واعلموا أنّ الّرزق رزقان : فرزق تطلبونه ورزق يطلبكم ، فاطلبوا أرزاقكم من حلال فإنّكم إن طلبتموها من وجوهها أكلتموها حلالا ، وإن طلبتموها من غير وجوهها أكلتموها حراما وهي أرزاقكم لا بدّ لكم من أكلها (٣).
__________________
(١) سورة هود : ٦.
(٢) بحار الأنوار ج ٥ ص ١٥٠.
(٣) بحار الأنوار ج ١٠٠ ص ٢٨.