الأمر الثالث : أنّه قد مرّ في خبر العيّاشي وغيره عن الصادق عليهالسلام في تفسير الآية بقوله : وممّا علّمناهم يبثّون (١).
وفي بعض نسخ تفسير القمي عن الباقر عليهالسلام قال : ممّا علّمناهم من القرآن يبثّون ، وفي بعض النسخ : يتلون (٢).
وفي مشارق الأنوار مرسلا قال عليهالسلام : ينفقون معرفة آل محمد عليهمالسلام على فقرائهم المؤمنين.
ولا خفاء فيه بناء على ما سمعت من شمول الموصولة على ما هو قضيّة عمومها للنعم الروحانية الّتي بها الحياة الأبديّة والسعادة السرمديّة ، ومن البيّن أنّ العلوم الحقيقيّة والمعارف الإيمانيّة من جملة هذه النعم ، بل هي أصلها وأساسها ، نعم في المقام إشارة اخرى في التعبير بالضمير المتكلم مع الغير ، وهو مع دلالته على التعظيم والتفخيم يؤيّد ما استفاضت به الأخبار من أنّهم القوّامون بأمر الله تعالى العاملون بإرادته ، وأنّهم الحجّاب والأبواب ، ومحالّ مشيّته ، وألسن إرادته. فالفيوض الصادرة عنهم في التكوين والتشريع لمّا كانت بأمره وإذنه وإرادته ومشيّته فهو منه سبحانه ، وهم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، فافهم المراد ، ولا تظننّ الغلوّ والإلحاد ، ولا الحلول والاتّحاد والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
الأمر الرابع : أنّ حذف متعلّق الفعل دليل على شموله للإنفاق على نفسه وغيره ممّن تجب نفقته وعلى سائر الأقارب والأجانب إذا كان الإنفاق لاستحقاق المنفق عليه ، أو لكفّ شرّه ودفع ضرره عن عرضه وماله أو حريمه أو عن غيره من
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٦٤ ص ١٨.
(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٣٠.