لتقويم الأعمال ، وتهذيبها ، ماذا ينفع فلانا إعرابه وتقويمه لكلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن ، وما يضرّ بلال لحنه في كلامه إذا كانت أفعاله مقوّمة احسن تقويم ، مهذّبة أحسن تهذيب ، قال الرجل : يا أمير المؤمنين كيف ذاك؟ قال عليهالسلام :
حسب بلال من التقويم لأفعاله والتهذيب بها أنّه لا يرى نظيرا لمحمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم لا يرى أحدا بعده نظيرا لعلي بن أبي طالب ويرى أنّ كلّ من عاند عليّا فقد عاند الله ورسوله ، ومن أطاعه فقد أطاع الله ورسوله.
وحسب فلان من الاعوجاج واللحن في أفعاله الّتي لا ينتفع معها بإعرابه لكلامه بالعربيّة وتقويمه للسانه أن يقدّم الأعجاز على الصدور ، والأستاه على الوجوه ، وأن يفضّل الخلّ في الحلاوة على العسل ، والحنظل في الطيب والعذوبة على اللّبن ، يقدّم على ولي الله عدو الله الّذي لا يناسبه في شيء من خصال فضله ، هل هو إلّا كمن قدّم مسيلمة على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في النبوة والفضل ، ما هو إلّا من الذين قال الله تعالى : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١) ، هل هو إلّا من إخوان أهل حرورا (٢).
ثم إنّ الجملة في محلّ الرفع على أنّها خبر لقوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، بناء على ما سمعت من احتمال كونها مفصولة من المتقين ، وعطف الموصول الثاني عليه ، وذلك لأنّه لمّا قيل : إنّه هدى للمتقين فخصّ المتّقين بأنّ الكتاب هدى لهم ، كأنّه قيل : ما بالهم خصّوا بذلك؟ فأجيب بذكر السبب.
أو للموصول الثاني بعد استتباع الأوّل ، تعريضا بأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا
__________________
(١) الكهف : ١٠٣.
(٢) تفسير الامام العسكري ص ٩١.