الشريفة فقال : (أُولئِكَ) أهل هذه الصفات (عَلى هُدىً) وبيان وصواب (مِنْ رَبِّهِمْ) وعلم بما أمرهم به (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الناجون ممّا منه يوجلون الفائزون بما يؤمّلون (١).
وقد عرفت معنى الهداية واختصاصها بأهل الولاية.
وفي بشارة المصطفى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ عليّا وحزبه (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يوم القيامة (٢).
وتوسيط العاطف بين الإشارتين للتنبيه على استقلال الجزائين ، وإختلاف مفهومي الجملتين في المقام ، بخلاف قوله تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٣) ، فإنّ مفهوم التشبيه بالأنعام وإثبات الغفلة وإن اختلفا لغة إلّا أنّ كلّا من الكلامين إنّما يساق عرفا لإثبات الغفلة وفرط الغباوة وهو المفهوم منهما عرفا.
مضافا الى ما قيل : من أنّ مفهوم (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) بمعونة المقام هو حصر الفلاح في المتقين ، ونفيه عمّن ليس بمتّق ، ومفهوم (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) اثبات الهداية لهم ، فاختلف المفهومان بخلاف الآية الاخرى ، إذ لا يراد من إثبات الغفلة حصرها فيهم ، لأنّه لم يتعلّق الغرض بنفيها عن غيرهم ، فهو بعينه ما يفهم عرفا من (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ).
و (هُمُ) إمّا فصل فصّل به لفصل الخبر عن الصفة ، لأنّه إنّما يتوسّط بين المبتدأ والخبر لتأكيد النسبة بزيادة الربط ، وقصر المسند على المسند إليه.
__________________
(١) تفسير المنسوب الى الامام العسكري عليهالسلام ص ٤٣.
(٢) ملحقات احقاق الحقّ ج ٧ ص ٣٠٥.
(٣) الأعراف : ١٧٩.