أن قال : وأمّا نصّه بالغلوّ على من نسب مشايخ القميين وعلمائهم الى التقصير فليس نسبة هؤلاء القوم الى التقصير علامة على غلوّ الناس وفي جملة المشار إليهم بالشيخوخية والعلم من كان مقصّرا ، وإنّما يجب الحكم بالغلوّ على من نسب المحققين الى التقصير سواء كانوا من أهل قم او غيرها من البلاد ، وسائر الناس.
وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن ابن الوليد «ره» لم نجد لها دافعا في التقصير ، وهي ما حكي عنه أنّه قال : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبي والامام عليهم الصلاة والسّلام ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القميّين ومشيختهم ، وقد وجدنا جماعة وردت إلينا من قم يقصّرون تقصيرا ظاهرا في الدين ينزلون الائمة عليهمالسلام عن مراتبهم ، ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الاحكام الدينيّة حتى ينكت في قلوبهم ، ورأينا من يقول إنّهم كانوا يلجئون في حكم الشريعة الى الرأي والظنون ، ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء.
وهذا هو التقصير الّذي لا شبهة فيه. ويكفي في علامة الغلوّ نفي القائل به عن الائمة عليهمالسلام سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهيّة والقدم ، أو قالوا ما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر ، وما ليس بمقدور العباد من الأعراض.
وقال شيخنا المجلسي «ره» في «البحار» : اعلم أنّ الغلوّ في النبي والإمام عليهمالسلام إنّما يكون بالقول بالوهيّتهم او بكونهم شركاء لله تعالى في العبوديّة ، أو في الخلق أو في الرزق ، او أنّ الله تعالى حلّ فيهم او اتّحد بهم ، او أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي او إلهام من الله تعالى.
او بالقول في الأئمّة عليهمالسلام انّهم كانوا أنبياء او القول بتناسخ أرواح بعضهم الى بعض ، او القول بان معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي.