الاستقلال والأصالة ، فضلا عن القول باستقلالهم أو شركتهم في الخلق او الرزق وغيرهما من الشئون ، (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) (١) ، (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٢).
نعم الّذي يستفاد من الآيات والاخبار أنّه سبحانه وهو الفاعل لما يشاء سبّب الأسباب ، وقدّر المقادير ، وخلق ببعض مصنوعاته بعضا ، ولبعضها بعضا ، ومن بعضها بعضا ، فنسب الحراثة إلينا وإن كان هو الزارع : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٣).
ونسب الخلق ونفخ الروح الى عيسى عليهالسلام في قوله : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) (٤) وان كان هو الخالق لكل شيء ، ونسب التوفّي وقبض الأرواح الى ملك الموت والأعوان في جملة من الآيات مع أنّه قال (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (٥) وجعل ميكائيل موكّلا بالأرزاق و (هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٦).
وقد ورد في الأخبار أنّ لله سبحانه ملائكة موكّلة بالرزق ، وملائكة خلّاقين ، الى غير ذلك مما تقدم إليه الإشارة في تفسير الفاتحة.
وبالجملة المستفاد من الأخبار أن لهم الدرجة القصوى من عالم الإمكان ،
__________________
(١) لقمان : ١١.
(٢) الرعد : ١٦.
(٣) الواقعة : ٦٣ ـ ٦٤.
(٤) آل عمران : ٤٩.
(٥) الزمر : ٤٢.
(٦) الذاريات : ٥٨.