الملائكة في الليلة الّتي (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (١) من خلق ، ورزق ، وأجل ، وعمل ، وحيات ، وموت ، وعلم غيب السماوات والأرض ، والمعجزات الّتي لا ينبغي إلّا لله ، وأصفيائه ... الخبر (٢).
وفي الخطبة الغديريّة ما مرّ غير مرّة ، وفي رياض الجنان على ما رواه في البحار عن ابي جعفر عليهالسلام : انّ الله لم يزل فردا متفرّدا في الوحدانيّة ، ثم خلق محمدا وعليّا وفاطمة عليهمالسلام ، فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق الأشياء واشهدهم خلقها ، وأجرى عليها طاعتهم ، وجعل فيهم ما شاء وفوّض أمر الأشياء إليهم ، في الحكم ، والتصرف ، والإرشاد ، والأمر والنهي ، لأنّهم الولاة فلهم الأمر والولاية والهداية ، فهم أبوابه ونوّابه وحجّابه ، يحلّلون ما شاءوا ، ويحرّمون ما شاءوا ، ولا يفعلون إلّا ما شاء ، (عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ... الخبر (٣).
وأمّا المعنى الثاني فهو وإن قيل : إنّه بمعزل عن معنى التفويض الظاهر في إنهاء الأمر وإيصاله إليهم وإذا كان الله سبحانه هو الفاعل فأين معنى التفويض.
إلّا أنّه لعل المراد عنه أنّه تعالى جعل إرادتهم بمنزلة إرادته في تحقق المراد معها وعدم تخلّفه منها وتعلّقها على حسب الحكمة والمصلحة ، وذلك لفناء هويّاتهم ، واضمحلال إنّياتهم ، فظهرت على قلوبهم ارادة الحقّ سبحانه فهم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ).
وفي الزيارة الجامعة : أنّهم الفاعلون بإرادته.
وفي غيبة الشيخ ابي جعفر الطوسي بالإسناد عن الحجّة عجل الله تعالى
__________________
(١) الدخان : ٤.
(٢) تفسير نور الثقلين ج ٤ ص ٢٤.
(٣) بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٣٣٩.