فرجه : أنّه قال للكامل بن ابراهيم حيث دخل على أبي محمّد العسكري عليهالسلام للسؤال عن جملة من المسائل ما لفظه عليهالسلام : وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة ، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيّة الله ، فإذا شاء شئنا ، والله يقول : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١) (٢).
فنفى عليه ما يفيده ظاهر التفويض من المعنى الأوّل ، وأثبت تبعيّة مشيّتهم لمشيّته سبحانه ، ولعلّه إليه يرجع المعنى الّذي أشير إليه في ذيل الخبر المرويّ في الاحتجاج عن ابي الحسن علي بن أحمد الدلّال القمي ، قال : اختلف جماعة من الشيعة في الله عزوجل فوّض الى الأئمّة صلوات الله عليهم أن يخلقوا ويرزقوا ، فقال قوم : هذا محال ، لا يجوز على الله تعالى ، لأنّ الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عزوجل ، وقال آخرون : بل الله عزوجل أقدر الأئمّة على ذلك وفوّض إليهم فخلقوا ، ورزقوا ، وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا ، فقال قائل : ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك ليوضح لكم الحقّ فيه فإنّه الطريق الى صاحب الأمر عليهالسلام؟ فرضيت الجماعة بابي جعفر وسلّمت وأجابت إلى قوله ، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه ، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته : إنّ الله تعالى هو الّذي خلق الأجسام ، وقسّم الأرزاق ، لأنّه ليس بجسم ، ولا حالّ في جسم ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، فأمّا الأئمّة عليهمالسلام فإنّهم يسألون الله تعالى فيخلق ، ويسألونه فيرزق إيجابا لمسألتهم وإعظاما لحقّهم (٣).
أقول : وهذا السؤال سؤال مستمرّ عامّ ، مستجاب لهم فيمن سواهم في جميع
__________________
(١) الدهر : ٣٠.
(٢) غيبة الطوسي ص ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٣) الاحتجاج ص ٢٦٤ وعنه البحار ج ٢٥ ص ٣٢٩.