فقولك : سواء عليّ أقمت أم قعدت معناه ان قمت أو إن قعدت فالأمران سواء واستشهد له باستهجان الأخفش وقوع الابتدائية بعدهما ، وأمّا قوله : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (١).
فلتقدّم الفعليّة ، وإلا لم يجز ، وباستقباحه وقوع المضارع بعدهما ويدلّ عليه أنّ ما جاء في التنزيل من هذا النحو جاء على مثال الماضي نحو (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) (٢) و (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (٣).
قال : وإنّما أفادت الهمزة فائدة إن الشرطيّة لأنّ إن تستعمل في الأغلب في أمر مفروض مجهول الوقوع وكذلك حرف الاستفهام يستعمل فيما لم يتيقّن حصوله فجاز قيامها مقامها مجردة عن معنى الاستفهام ، وكذا أم جرّدت عن معناه وجعلت بمعنى او لأنّها مثلها في إفادة أحد الشيئين او الأشياء ، ومعنى سواء عليّ أقمت أم قعدت إن قمت أو قعدت ، والدليل على أنّ سواء سادّ مسدّ جواب الشرط لا خبر مقدّم أنّ معنى سواء عليّ أقمت أم قعدت ، ولا أبالي أقمت أم قعدت واحد في الحقيقة ، ولا أبالي ليس خبرا للمبتدأ ، بل المعنى إن قمت او قعدت فلا أبالي.
وإنّما اختصّ استعمال الهمزة وأم في هذا المعنى بما بعد سواء ، ولا أبالي وما يجري مجراهما لأنّ المراد التسوية في الشرط بين أمرين فاشترط فيما يقع موقع الجزاء أن يشتمل على معنى الاستواء قضاء لحقّ المناسبة ، ولهذا وجب تكرير الشرط ، ولم يصحّ لا أبالي أقام زيد.
وعلى هذا فالجملة الشرطيّة خبر إنّ ، والمعنى إنّ الذين كفروا إن أنذرتهم أم
__________________
(١) الأعراف : ١٩٣.
(٢) ابراهيم : ٢١.
(٣) المنافقون : ٦.