سيبويه في قولهم : أللهم اغفر لنا ايّتها العصابة ، فإذا جرّدتا في مثل المقام لمجرّد الاستواء زالت الصدارة وكونها لأحد الأمرين.
وتوهّم من قال : المعنى حينئذ تسوية المستويين ، وهو تكرار بلا فائدة ، مدفوع بأنّ المراد كون المستويين في صحة الوقوع مستويين في عدم النفع.
ومن جميع ما مرّ يظهر النظر فيما ذكره الطبرسي في «مجمع البيان من إبطال كون سواء خبرا بأنه ليس في ظاهر الكلام مخبر عنه ، وبأنّ قبل الاستفهام لا يكون في حيّز الاستفهام» (١).
وإمّا بالابتداء ويكون خبره الجملة التالية كما هو المحكي عن أبي علي ، واختاره الطبرسي وجعله أوّل الوجهين ، قال : والجملة في موضع رفع بأنّها خبر إنّ (٢) ، ولا يخلو من ضعف.
وإمّا بأنّه خبر من مبتداء محذوف تقديره : الأمران سواء ، ثمّ بيّن الأمرين بقوله : (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ).
قال نجم الأئمة : وهذا هو الّذي يظهر لي في مثل هذا المقام ، وهو وقوع أم بعد همز التسوية الواقعة بعد كلمة سواء ، وما أبالي ، ولا أدري ، وليت شعري ، ونحوها ، كما يقدّر المبتداء في قوله : (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) (٣) اي الأمران سواء ، وسواء لا يثنّى ولا يجمع ، فكأنّه في الأصل مصدر.
قال : وحكى أبو حاتم تثنيته وجمعه ، وردّه أبو علي ، ثمّ اطنب الكلام في أنّ الفعل بعد تلك الأدوات يتضمن معنى الشرط والاسميّة السابقة دالّة على جوابه ،
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٤٢.
(٢) مجمع البيان ج ١ ص ٤٢.
(٣) سورة الطور : ١٦.