بالحروف العاليات ، وهذا مقام المفعول كما أنّ الأوّل رتبة الفعل ، وهذه الحروف الحقيقية بحار زخّارة عميقة ، بل حقائق كلّية غير متناهية يظهر رشحاتها وآثارها فيما دونها بطريق الإشراق والانعكاس فيتحصّل باعتبار الحدود والتقيدات والتكثرات عوالم كلّية غير متناهية لا يحيط بها الّا خالقها ومن أشهدهم خلقها ، وهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين.
كما قال مولانا الحجّة عجّل الله فرجه : «أعضاد ، وأشهاد ، ومناة ، وأزواد ، وحفظة ، ورواد» (١) بل هو المقتبس تلويحا من قوله تعالى في حقّ أعدائهم : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (٢).
وقد صرّح به مولانا الباقر عليهالسلام على ما رواه في «الكافي» عن ابن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليهالسلام فأجريت إختلاف الشيعة فقال : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّدا بوحدانيّته ، ثمّ خلق محمّدا ، وعليّا ، وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثمّ خلق جميع الأشياء ، فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أمورها إليهم ، فهم يحلّون ما يشاؤن ويحرّمون ما يشاؤن ، ولن يشاءوا إلّا أن يشاء الله تبارك وتعالى.
ثم قال : يا محمد هذه الديانة الّتي من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها محق ، ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٩٨ ص ٣٩٣.
(٢) الكهف : ٥١.
(٣) اصول الكافي ج ١ ص ٤٤٠ و ٤٤١ وعنه بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٣٤٠ ح ٢٤.