وعن الخامس أنّه وإن لم يكن للعبد قدرة على قلب علمه تعالى إلّا أنّ ذلك لا ينافي القدرة على خلاف ما اختاره ، فإنّ الإيمان من كل أحد ممكن في ذاته والقدرة قائمة بالنسبة إليه وجودا وعدما ، ولا بدّ أن يكون علمه بالفعل الاختياري على ما هو عليه من وقوعه من فاعله على وجه الإختيار ، وحينئذ فيرجع الحاصل إلى أنّه سبحانه عالم بأنّ الفاعل المختار يفعل كذا مختارا حال قدرته على خلاف ما يفعله.
وأمّا استحالة قلب علمه سبحانه جهلا فمرجعها إلى استحالة علمه تعالى بخلاف ما يقع منك بقدرتك إلى استحالة قدرتك على خلاف ما علمه ، فأنت قادر في نفسك على خلاف ما علمه ، وإن استحال في حقّه سبحانه أن يعلم خلاف ما تعمله.
وعن السّادس أنّه اجنبيّ عن المقام حسبما تسمعه في تفسير الآية ان شاء الله تعالى.
وأمّا ما يقال في الجواب من أصل الشبهة : من أنّ الإيمان في نفسه ممكن ، فلو تعلّق علم الواجب بإيجابه كان جهلا ، أو بامكانه فلا يكون واجبا ، ولو انقلب بالعلم واجبا لكان العلم مؤثّرا في الانقلاب وهو غير معقول.
فمرجعه الى ما سمعت ، وإن كان لا يخلو من تسامح في التعبير.
وكذا ما يحكى عن المحقّق الطوسي : من أنّ العلم تابع للمعلوم فلا يكون مقتضيا للوجوب أو الامتناع.
نعم قد يورد عليه بأنّه إنّما يستقيم في العلم الانفعالي لا الفعلي ، وفيه تأمّل يظهر بما ستسمعه في معنى علمه المتعالي عن إحاطة البشر به وبكيفيته ، فإنّه عين ذاته بلا مغايرة أصلا ، نعم نعلم أنّه لا يخفى عليه شيء كما علّمنا في كتابه.
ومن جميع ما مرّ يظهر النظر فيما سمعت عن الرازي الناشئ عن فرط