الله تعالى بسيوف سطوته وصولات نقمته يكبّت ويخزي أعداء محمّد حتى يسوقهم بسيفه الباتر ودليله الواضح الباهر إلى الايمان به ، أو يقذفه الله في الهاوية إذا أبي إلّا تماديا في غيّه ، وامتدادا في طغيانه وعمهه (١).
ما ينبغي الكافر أن يركبني ، بل لا يركبني إلّا مؤمن بالله مصدّق بمحمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أقواله مصوّب له في جميع أفعاله وفي فعل أشرف الطاعات في نصبه أخاه عليّا وصيّا ووليّا ، ولعلمه وارثا ، وبدينه قيّما ، وعلى امّته مهيمنا ، ولديونه قاضيا ، ولعداته منجزا ، ولأوليائه مواليا ، ولأعدائه معاديا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا كعب بن الأشرف حمارك خير منك قد أبي أن تركبه ، فلن تركبه أبدا ، فبعه من بعض إخواننا المؤمنين.
فقال كعب : لا حاجة لي فيه بعد أن ضرب بسحرك ، فناداه حمار : يا عدوّ الله كفّ عن تجهّم محمّد رسول الله ، والله لولا كراهيّة مخالفته لقتلتك ووطأتك بحوافري ، ولقطعت رأسك بأسناني ، فخزي وسكت ، واشتدّ جزعه ممّا سمع من الحمار ، ومع ذلك غلب عليه الشقاء ، واشترى منه الحمار ثابت بن قيس بمائة دينار ، وكان يركبه ويجيء الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو تحته هيّن ليّن ذليل كريم يقيه المتالف ، ويرفق به في المسالك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ثابت هذا لك وأنت مؤمن ترتفق بحمار مؤمن.
فلمّا انصرف القوم من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يؤمنوا أنزل الله يا محمّد : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) ، ووعظتهم وخوّفتهم ، (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ، لا يصدّقون بنبوتك ، وهم قد شاهدوا هذه الآيات وكفروا فكيف
__________________
(١) العمه : التحيّر والتردّد في الضلال.