السراج ، إن أعطاه الله شكر ، وإن ابتلاه صبر (١).
وهذا الأخير هو المشار إليه في الآية الكريمة : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (٢) ، اي حاضر القلب ، فإنّ أصحاب القلوب هم العلماء الربّانيون ، وأرباب الأسماع هم المتعلّمون على سبيل النجاة ، والفرقة الثالثة همج رعاع ، أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح ، وهم المشار إليهم بالآيات المشتملة على الختم والطبع ، ونحوهما.
وأمّا ما في «الذهبية» الّتي كتبها مولانا الّرضا عليه التحية والثناء إلى المأمون حيث قال : فملك الجسد هو القلب ، والعمّال هم العروق والأوصال والدماغ ، وبيت الملك قلبه ، وأرضه الجسد ... الخبر (٣).
فالمراد بالقلب الأوّل هو الروح ، وبالثاني اللحم الصنوبري ، أو الأوّلي النفس ، والثاني الروح البخاري.
وبالجملة للقلب إطلاقات كثيرة في الكتاب والسنّة ، وربما يخصّ كلّ من النفس ، والروح ، والصدر ، والقلب ، والعقل ، والفؤاد ، وسرّ الفؤاد بمعنى من المعاني ، أو مرتبة من المراتب ، وكأنّه اصطلاح حادث فلا مشاحّة فيه ، لكنّه لا يحمل عليها المطلقات من تلك الألفاظ ، فإنّها بالنسبة الى تلك الألفاظ شرع سواء ، نعم ربما يستفاد من خصوص المقام إرادة البعض.
ويقال كلّ من السمع والبصر للجارحة ، وللقوّة ، ولفعلها ، وبمعنى المفعول ، ولإدراك النفس ، وهو من مشاعر القلب الباطنة كما أنّ الحاسّتين من مشاعرها
__________________
(١) منقول بالمعنى عن البحار ج ٦٧ ص ٥٠ عن معاني الاخبار ص ٣٩٥.
(٢) سورة ق : ٣٧.
(٣) بحار الأنوار ج ٥٩ ص ٣٠٩ ط بيروت.