الظّالمون علوّا كبيرا ، وبما ذكرناه يندفع الأشكال برمّته.
مع أنّ في الآية وجوها أخر منها : أن يحمل المرض على الغمّ والحزن كما يقال : مرض قلبي في أمر كذا ، والمعنى أنّ المنافقين مرضت قلوبهم لما رأوا من ثبات أمر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واستعلاء شانه يوما فيوما ، وذلك كان يؤثّر في زوال رئاساتهم.
كما قد روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أردف أسامة على حماره يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر فمرّا على مجلس فيه عبد الله بن أبيّ فقال له نحّ حمارك يا محمّد فقد اذاني ريحه ، فلمّا دخل على ابن عبادة فقال : يا سعد ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب يريد ابن أبيّ فقال يا رسول الله اعف عنه واصفح ، فو الله لقد أعطاك الله الّذي قد اعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يعصّبوه بالعصابة فلمّا رد الله ذلك بالحقّ الّذي أعطاكه شرق بذلك.
وكما قد روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بينما هو جالس إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ فيك شبها من عيسى بن مريم ولولا أن يقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة فغضب الاعرابيّان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمّه مثلا إلّا عيسى بن مريم فانزل الله على نبيّه (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) الآيات (١).
قال فغضب حارث بن عمرو الفهري فقال (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) قال فلمّا صار الحارث بظهر المدينة أتته جندلة فرضّت هامته فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن حوله من المنافقين
__________________
(١) الزخرف : ٥٧.