منهم فلهم عذاب أليم بكذبهم ، وما وصلته بمعنى المصدر ، وأيضا قولهم فيما بعد لإخوانهم الشياطين : (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١) يدل عليه.
وأمّا الثاني فعلّل بموافقته لما هو المذكور في آيات كثيرة ، كقوله تعالى : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) (٢) ، وقوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) (٣) ، وغيرهما.
ولكنّ الدليلين كما تراهما بمكان من القصور ، كقصور ما عن بعض من كون الثاني أنسب بالمقام لسببيّته للكفر وشدّة العذاب ، ودوامه ، وعدم الإيمان ، وغير ذلك ممّا يستفاد ، دون الأوّل الّذي هو بمجرّده من أسباب الفسق لا الكفر.
إذ مع أنّ الأنسب بحال المنافق هو الذّمّ على الكذب ، لا ينبغي تعيين القرآن او ترجيح القراءة بمثل هذه الوجوه ، سيّما بعد ترخيص الأخذ بكلّ منهما في زمان الغيبة ، كشف الله عنّا الحيرة بظهور الحجّة عجّل الله فرجه.
ثمّ المشدّد إمّا من كذّبه ، لأنّهم كانوا يكذّبون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بقلوبهم ، (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) فيما بلّغهم من الشرائع ، سيّما خلافة وصيّه ، كما قال : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُ) (٤) (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ، وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٥).
أي في ولاية وليّ الأمر.
وإمّا من كذّب الّذي هو المبالغة في اصل الفعل ، أو لتكثير الفاعل أو المفعول ،
__________________
(١) البقرة : ١٤.
(٢) آل عمران : ١٨٤.
(٣) يونس : ٣٩.
(٤) الأنعام : ٦٦.
(٥) القلم : ٨ ـ ٩.