أعدائه.
وما ذكرناه في تفسير الآية أخذناه عن تفسير الامام عليهالسلام (١).
وبناء الفعل في هذه الآية وما قبلها للمفعول لتعظيم القائل ، والاهتمام بذكر المقول ، وأنّ القائل به غير منحصر في واحد ، بل هو قول الله تعالى ، ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمؤمنين ، والملائكة الذين يلهمونهم الرشد على سبيل الخطرة والقذف في القلوب إرشادا لهم ، وإتماما للحجّة عليهم بدلالتهم الى ركني الايمان الّذين هما التخلّي عن الرذائل المقصود بقوله : (لا تُفْسِدُوا) والتحلّي بالفضائل المطلوب بقوله : (آمِنُوا).
والكاف في (كَما آمَنَ النَّاسُ) في موضع نصب بكونه صفة لمصدر محذوف ، و (ما) مصدريّة ، والمعنى آمنوا إيمانا مثل إيمان الناس.
أو كافّة مثلها في ربّما ، والمعنى حقّقوا إيمانكم كما تحقّق إيمانهم ، فالتشبيه على الأوّل بين مفردين ، وعلى الثاني بين مضموني الجملتين ، ومجرّد حصول الغرض بالأوّل على فرضه غير دافع الثاني.
واللام في الناس إمّا للجنس ، والمراد به الكاملون في الإنسانيّة ، المقيمون على وظائف العبوديّة في جميع شئونهم وأطوارهم ومراتب وجودهم قولا وفعلا وإرادة واعتقادا في جميع الأحوال.
وهذه مرتبة تساوق العصمة ، ولذا فسّر الناس في كثير من الأخبار بالأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، قالوا : نحن الناس ، وشيعتنا شبه الناس ، وسائر الناس نسناس (٢).
__________________
(١) تفسير المنسوب الى الامام العسكري عليهالسلام ص ٥٨ وعنه البرهان ج ١ ص ٦٢ ح ١.
(٢) بحار الأنوار ج ٢٤ ص ٩٤ ـ ٩٥ عن تفسير الفرات ص ٨ والكافي الروضة ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥.