وعن زيد بن علي : قراءته بكسر الطاء ، وهما لغتان كلقيان ولقيان ، وفيه لغة ثالثة بالواو ، بل ورابعة.
والعمه بالفتحتين : التحيّر في الضلال والتردد في منازعة أو طريق ، من عمه كمنع وفرح فهو عمه ككتف وعامه ، والجمع عمّه كركّع ، كما في قول رؤبة :
ومهمة أطرافه في مهمة |
|
أعمى الهدى بالجاهلين العمّه |
أي الذين لا معرفة لهم بالطرق ، وقد يقال : إنّه مثل العمى إلّا أنّ العمى عامّ في البصر والرأي ، والعمى في الرأي خاصّة.
وحاصل المعنى أنه سبحانه يعطيهم المدد في طغيانهم حال كونهم متحيّرين في ضلالتهم ، فالطرف متعلّق بالفعل ، ويعمهون حال من الضمير.
ولا محذور في إسناد الإمداد إليه سبحانه بعد ما سمعت من أنّ الفيوض الإلهية والإمدادات الرحمانية كلّها بيده ومن عنده يمنح به عباده برّهم وفاجرهم وسعيدهم وشقيّهم ، ومطيعهم وعاصيّهم (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) (١) غير أن السعيد بحسن توفيقات الله له وحسن اختياره وقبوله للأمر التشريعي يصرف تلك النعم فيما خلقت لأجله ، فيحصل صورة الطاعة والانقياد والعبودية فيسمّى شاكرا ويشكر ذلك منه ، والله شاكر لأعمالهم ، يقبله بأحسن القبول ، ويجزيهم بأحسن الجزاء ، والشّقي يصرف نعم الله سبحانه من القوّة والاستطاعة والآلات والأدوات البدنيّة والماليّة وغيرها في خلاف رضاه سبحانه ، بسوء إختياره ، وما اعتراه من الخذلان الّذي هو التّخلية بينه وبين نفسه ، فالإمدادات الواصلة الى العبد في كلّ من الطّاعة والمعصية قائمة به سبحانه قيام صدور بقيّوميّته المطلقة ، وهي كلّها من فيوضه ونعمائه ، وآثار رحمته الرّحمانيّة ، إلّا أنّها تختلف
__________________
(١) الرعد : ١٧.