اشتروا الضّلالة بالهدى لم يربحوا كما أنّ الّذين اشتروا الهدى بالضّلالة ربحوا.
وأمّا قوله : (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) فمرجعه إلى الترشيح إشارة إلى عدم اهتدائهم لطرق التجارة ، على أنّه ربما يقال : إنّ الأولى عطفه على قوله : (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ).
وفي تفسير الإمام عليهالسلام أنّه لما أنزل الله عزوجل هذه الآية حضر عند رسول الله صلىاللهعليهوآله قوم فقالوا يا رسول الله سبحان الرّزاق ألم تر أنّ فلانا كان يسيّر البضاعة خفيف ذات اليد خرج مع قوم يخدمهم فدفعوا له حقّ خدمته ، وحملوه معهم إلى الصّين وعيّنوا له يسيرا من مالهم قسّطوه على أنفسهم له ، وجمعوه فاشتروا له بضاعة من هناك فسلمت فربح الواحدة عشرة فهو اليوم من مياسير أهل المدينة ، وقال قوم آخرون بحضرة رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا رسول الله ألم تر فلانا كانت حسنة حاله وكثيرة أمواله جميلة أسبابه وافرة خيراته مجتمعا شمله أبى إلّا طلب الأموال الجمّة ، فحمله الحرص على أن تهوّر فركب البحر في وقت هيجانه ، والسفينة غير وثيقة ، والملّاحون غير فارهين إلى أن توسّط البحر حتّى إذا لعبت بسفينة ريح فأزعجتها إلى الشاطئ وفتّتتها في ليل مظلم ، وذهبت أمواله ، وسلّم بحشاشته فقيرا وقتيرا ، ينظر إلى الدّنيا حسرة.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ألا أخبركم بأحسن من الأول حالا وبأسوإ من الثاني حالا؟ قالوا بلى يا رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أمّا أحسن من الأوّل حالا فرجل اعتقد صدقا لمحمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله وصدقا في إعظام عليّ أخي رسول الله صلىاللهعليهوآله ووليّه ، وثمرة قلبه ، ومحض طاعته ، فشكر له ربّه ونبيّه ووصيّ نبيّه ، فجمع الله له بذلك خير الدنيا والآخرة ، ورزقه لسانا لآلاء الله ذاكرا ، وقلبا لنعمائه شاكرا ، وبأحكامه راضيا ، وعلى احتمال مكاره أعداء محمّد وآله نفسه موطّنا ، لا جرم أنّ الله عزوجل سماه عظيما في ملكوت أرضه وسماواته وحيّاه برضوانه وكراماته ، فكانت تجارة هذا أربح ،