فيما يكره الله وما نهى عن مرادة للعبد عند الله ومقت من الله ، وصمم وبكم وعمي يورثه إيّاه يوم القيامة تصيروا كما قال الله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) ، يعني (لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (١).
ثمّ أنّه قد ظهر ممّا ذكرناه أنّ إطلاقها في المقام باعتبار الحواس القلبيّة الايمانية كما هو الظاهر من الخبرين أيضا ، وربما يجعل باعتبار المشاعر الظّاهرة تشبيها لهم بمن ايفت مشاعرهم وانتفت قويهم كقوله :
أصمّ عن الشيء الّذي لا أريده |
|
وأسمع خلق الله حين أريد |
وقوله :
وأصممت عمروا وأعميته |
|
عن الجود والفخر يوم الفخار |
وقوله :
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به |
|
وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا |
وعلى هذا فالكلام على طريقة التمثيل لا الاستعارة إذ من شرطها ان يطوى ذكر المستعار له ويجعل الكلام خلوا عنه ، صالحا لحمله على المستعار منه لولا فحوى الكلام وقرينة المقام ، ولذا يرشّحون الاستعارات كي يضربوا صفحا عن توهّم التشبيه كقول زهير :
لدى أسد شاك السلاح مقذّف |
|
له لبد أظفاره لم تقلّم |
ولأبي تمّام :
ويصعد حتّى لظنّ الجهول |
|
بأنّ له حاجة في السّماء |
وللآخر :
لا تحسبوا أنّ في سرباله رجلا |
|
ففيه غيث وليث مسبل (٢) مشبل (٣). |
__________________
(١) الكافي : ج ٨ ص ٤٠٦.
(٢) المسبل : الهطّال.
(٣) المشبل : أي والشبل وهو الولد.