وأيّده في «الكشاف» بقراءة ابن أبي عبلة : كلّما أضاء لهم ، والفاعل على الحالين البرق ، كما أظلم أيضا يستعمل على الوجهين ، ويحتملهما قوله (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) وإن كان الأظهر الأشيع كونه لازما ، نعم قد يقال : إنّه جاء متعدّيا منقولا من ظلم الليل مستشهدا له بقراءة يزيد بن قطيب (١) : أظلم على ما لم يسمّ فاعله ، وبقول أبي تمّام (٢) حبيب بن أويس الموثوق بإنشاده لإتقانه وإن كان من المحدثين (٣) :
هما (٤) أظلما حاليّ ثمّت أجليا (٥) |
|
ظلاميهما (٦) عن وجه أمرد (٧) أشيب (٨) |
يقول الشاعر خطابا لعاذلته :
أحاولت إرشادي فعقلي مرشدي |
|
أم استمت تأديبي فدهري مؤدّبي |
__________________
(١) يزيد بن قطيب السكوني الشامي روى القراءة عن أبي بحريّة عبد الله بن قيس السكوني الحمصي المتوفى بعد الثمانين ـ غاية النهاية ج ٢ ص ٣٨٢.
(٢) ابو تمّام حبيب بن أوس الطائي الشاعر المتوفى (٢٣١).
(٣) الشعراء على أربع طبقات : الجاهليّون كإمرئ القيس ، وطرفة وزهير ، والمخضرمون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، كحسّان ولبيد ، والمتقدمون من أهل الإسلام كالفرزدق وجرير وذي الرّمة وهؤلاء كلهم يستشهد بكلامهم في اللغة ، والمحدثون من أهل الإسلام كابي تمام والبحتري وأبي الطيّب لا يستشهدون باشعارهم ولكن يجعلون أقوالهم بمنزلة ما يروون ويحدّثون.
(٤) هما راجع الى الفعل والدهر ، والمراد بحاليه ما يتواتر من المتقابلين كالخير والشرّ والغنى والفقر ، والصحّة والمرض ، والعسر واليسر ونحوها.
(٥) أجليا : كشفا ظلاميهما.
(٦) الظلامة بضم الظاء : ما احتملته من الظلم وما أخذ منك ظلما.
(٧) الأمرد : الشابّ طرّ شاربه ولم تنبت لحيته.
(٨) الأشيب : المبيّض الرّأس.