غير انّه لا جسم ولا صورة ولا يحسّ ولا يمسّ (١) ولا يدرك بالحواسّ الخمس (٢).
وعن ابن سعيد قال سئل أبو جعفر الثّاني عليهالسلام يجوز أن يقال الله تعالى شيء قال نعم تخرجه عن الحدّين حدّ التعطيل وحدّ التّشبيه (٣).
أقول ومعنى إخراجه عن حدّ التعطيل أنّه لو لم يكن الله شيئا لكان لا شيئا محضا وهو يوجب التعطيل عن الدّعاء والعبادة والتوسّل وعن حد التشبيه أنّه لا يقاس بشيء من مخلوقه بل لا يحدّ ولا يعدّ ولا يخطر ببال أحد.
والقدير فعيل بمعنى القادر وهو الّذي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، أو أنّه الفعّال لما يشاء كيف يشاء ، ولذا قلّ ما يتّصف به غيره سبحانه ، مشتق من القدر بالتحريك بمعنى الحكم ، ومبلغ الشيء ، أو بالسكون بمعنى القوّة كالقدرة والمقدرة بتثليث الدّال ، ثمّ إنّ للقدرة عندهم تعريفين مشهورين ، ففسّرها المتكلمون بصحّة الفعل والترك ، والفلاسفة بكون الفاعل في ذاته بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ، والظّاهر تلازم المعنيين بحسب المفهوم والتّحقق وان من أثبت المعنى الثّاني يلزمه إثبات الأوّل قطعا ، وذلك لأنّ الفاعل إذا كان بحسب ذاته بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل كان لا محالة من حيث ذاته مع عزل النظر عن المشيّة واللّامشيّة يصحّ منه الفعل والترك ، وان كان يجب منه الفعل إذا وجدت المشيّة والترك إذا وجدت اللّامشيّة فدوام الفعل ووجوبه من جهة دوام المشيّة ووجوبها لا ينافي صحّة الترك على تقدير اللّامشية.
ومن هنا يظهر ضعف ما قيل : من أنّ هذا التعريف هو منشأ الخلاف بين
__________________
(١) في البحار : لا يجسّ بالجيم.
(٢) بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٥٨ ح ٢ عن الاحتجاج وص ٢٦ عن التوحيد ومعاني الاخبار.
(٣) البحار ج ٣ ص ٢٦٠.